الأحد، 8 أبريل 2012

محاكم التفتيش .. بين جاليليو و ابن تيمية !


  ( اعتبار تصديق ما يتم إثباته هرطقه .. هو بالتأكيد مضر للروح !) هكذا قالها جاليليو .. عالم الفلك الإيطالي الذي نافح عن الحقيقة ضد الطغيان الفكري السائد في عصره, كان للكنيسة -السلطة العظمى في زمانها - مسلمات عقائدية و فكرية عديدة, فرضتها على الناس بحجة أنها من أصول الدين و ما جاء به الكتاب المقدس !, فمنعت الناس من التفكير و جرمت العلم و العلماء, بل عدت من يخرج عن هذه المسلمات مجرم و مهرطق يجب إعدامه !
        و من هذه المسلمات الكنسية أن الأرض مركز الكون, فأتى كوبرنيكوس و حطم هذه النظرية باكتشافه أن الشمس هي المركز و الأرض و الكواكب الأخرى تدور حولها , فأيده بذلك جاليليو, فراحت الكنيسة تصرخ في وجوههم إن لم يعودوا عن قولهم سيقتلون شر قتله, كما عذب العلماء و المفكرين غيرهم إما بالتقطيع او بالحرق حتى الموت, و لم تكتف الكنيسة بتعذيب العلماء النصارى بل حتى للمخالفين لها فمدت يدها القذرة إلى المسلمين في الأندلس و أهدرت دمائهم.
       وتاريخ أوروبا في هذه العصور المسماة بعصور الظلمات مملوءة بدماء العلماء بل تكاد تغرق من كثرة الجرائم الشنيعة التي وجهت للعلماء و للمسلمين, و ما يجهله البعض أن حتى تاريخنا الإسلامي تواجدت فيه مثل هذه المحاكم ولو بصورة غير رسمية !, بل يزخر تاريخنا بهذه الجرائم الشنيعة التي وجهت للعلماء و المفكرين, كابن تيمية مثلا , فحكم عليه بالسجن بسبب رأيه في مسألة الزيارة , ومات هناك, و الجعد بن درهم الذي ضحى به خالد ابن عبد الله القسري في يوم عيد الأضحى لكلامه في خلة ابراهيم عليه السلام لله و كلامه في صفة كلام الله, فقتل كما تقتل الشاة !, و غيلان الدمشقي صلب و قتل بسبب قوله في القدر , و الإمام أحمد ابن حنبل سجن و عذب لامتناعه من القول بخلق القرآن و قتل من قتل في تلك المحنة و قال بخلق لقرآن من قال إكراها لا إيمانا ! رحمهم الله أجمعين
     فحتى لا نكذب على أنفسنا و لا نلبس تاريخنا لباس الجمال و الرونق و نتغاضى عن الجرائم التي وقعت في حق المسلمين, فكما نلاحظ على مر العصور و في مختلف الأزمان و المكان, كلما وصل الفكر – أي فكر – إلى سلطة ساد العنف الموجه للمخالفين له إما بالسجن أو التعذيب أو النفي أو حتى القتل !
    بل هذه الجرائم لم تقتصر فقط على تاريخنا الماضي بل حتى في هذه العصور الأخيرة !, كالذي حصل لسيد قطب رحمه الله و جماعة الأخوان المسلمين في عهده من سجن و تعذيب و إعدام ! رحمهم الله تعالى رحمه واسعة.
     و حتى لا يحمل أحد مقالي هذا غير ما قصدته أقول, لم اكتب هذا المقال لتفنيد عقائد و بيان الحق من الباطل ولا للدفاع عن عالم دون آخر.. و إنما أردت أن أبين وجود العنف و الطغيان الفكري في تاريخنا.. فلا نستطيع أن نعالج دون أن نعرف موطن المرض!
كتبه : مشعل الأنصاري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق